فصل: أخبار السلطان جلال الدين منكبرس وهزيمته أمام التتر ثم عوده إلى الهند.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أخبار السلطان جلال الدين منكبرس وهزيمته أمام التتر ثم عوده إلى الهند.

قد كان تقدم لنا أن أباه خوارزم شاه لما قسم البلاد بين ولديه جعل في قسمه غزنة وباميان والغور وبست وهكياباد وما يليها من الهند واستناب عليها أمير ملك وأنزله غزنة فلما انهزم السلطان خوارزم شاه أمام التتر زحف إليه حربوشة والي الغور فملكها من يده وكان من أمره ما قدمناه إلى أن استقر بها رضا الملك شرف الدين ولما أجفل جلال الدين من نيسابور إلى غزنة واستولى التتر على خراسان وهرب أمراؤها فلحقوا بجلال الدين فقتل نائب هراة أمين الملك خال السلطان وقد قدمنا محاصرته بسجستان ثم مراجعته طاعة السلطان جلال الدين ولحق به أيض سيف الدين بقراف البلخي وأعظم ملك من بلخ ومظهر ملك والحسن فزحف كل منهم في ثلاثين ألفا ومع جلال الدين من عسكره مثلها فاجتمعوا وكبسوا التتر المملوكة محاصرين قلعة قندهار كما قلناه واستلحموهم ولحق فلهم بجنكزخان فبعث ابنه طولى خان في العساكر فساروا إلى جلال الدين فلقيهم بشروان وهزمهم وقتل طولى خان بن جنكزخان في المعركة وذهب التتر منهزمين واختلف عسكر السلطان جلال الدين على الغنائم وتنازع سيف الدين بقراق مع أمين الملك نائب هراة وتحيز إلى العراق وأعظم ملك ومظهر ملك وقاتلوا أمين الملك فقتل أخ لبقراق وانصرف مغاضبا إلى الهند وتبعه أصحابه ولاطفهم جلال الدين ووعظهم فلم يرجعوا وبلغ خبر الهزيمة إلى جنكزخان فسار في أمم التتر وسار جلال الدين فلقى مقدمة عساكره فلم يفلت من التتر الا القليل ورجع فنزل على نهر السند وبعث بالصريخ إلى الأمراء المنحرفين عنه وعاجله جنكزخان قبل رجوعه فهزمه بعد القتال والمصابرة ثلاثا وقتل أمين الملك قريب أبيه واعترض المنهزمين نهر السند فغرق أكثرهم وأسر ابن جلال الدين فقتل وهو ابن سبع سنين ولما وقف جلال الدين على النهر والتتر في اتباعه فقتل أهله وحرمه جميعا واقتحم النهر بفرسه فخلص إلى عدوته وتخلص من عسكره ثلثمائة فارس وأربعة آلاف راجل وبعض أمرائه ولقوه بعد ثلاث وتخلص بعض خواصه بمركب مشحون بالاقوات والملابس فسد من حاجتهم وتحصن أعظم ملك ببعض القلاع وحاصره جنكزخان وملكها عنوة وقتله ومن معه ثم عاد التتر إلى غزنة فملكوها واستباحوها وأحرقوها وخربوها واكتسحوا سائر نواحيها وكان ذلك كله سنة تسع عشرة ولما سمع صاحب جبل جردي من بلاد الهند بجلال الدين جمع للقائه وخام جلال الدين وأصحابه عن اللقاء لما نهكتهم الحرب فرجعوا ادراجهم وأدركهم صاحب جلال الدين صوري فقاتلهم وهزموه وملكوا أمرهم وبعث إليهم نائب ملك الهند فلاطفهم وهاداهم والله تعالى ولي التوفيق.

.أخبار جلال الدبن بالهند.

كان جماعة من أصحاب جلال الدين وأهل عسكره لما عبروا إليهم حصلوا عند قباجة ملك الهند منهم بنت أمين الملك خلصت إلى مدينة ارجاء من عمله ومنهم شمس الملك وزير جلال الدين حياة أبيه ومنهم قزل خان بن أمين الملك خلص إلى مدينة كلور فقتله عاملها وقتل قباجة شمس الملك الوزير لخبر جلال الدين بأموره وبعث أمين الملك ولحق بجلال الدين جماعة من أمراء أخيه غياث الدين فقوى بهم وحاصر مدينة كلور وافتتحها مدينة ترنوخ كذلك فجمع قباجة للقائه وسار إليه جلال الدين فخام عن اللقاء وهرب وترك معسكره فغنمه جلال الدين بما فيه وسار إلى لهاوون وفيها ابن قباجة ممتنعا عليه فصالحه على مال يحمله ورحل إلى تستشان وبها فخر الدين السلاوي نائب قباجة فتلقاه بالطاعة ثم سار إلى اوجا وحاصرها فصالحوه على المال ثم سار إلى جانس وهي لشمس الدين اليتمشي من ملوك الهند ومن موالي شهاب الدين الغوري فأطاعه أهلها وأقام بها وزحف إليه ايتش في ثلاثين الف فارس ومائة ألف راجل وثلثمائة فيل وزحف جلال الدين في عساكره وفي مقدمته جرجان بهلوان ازبك واختلفت المقدمتان فلم يمكن اللقاء وبعث ايتش في الصلح فجنح إليه جلال الدين ثم اجتمع قباجة وايتش وسائر ملوك الهند فخام عن لقائهم ورجع لطلب العراق واستخلف جهان بهلوان الملك على ما ملك من الهند وعبر النهر إلى غزنة فولى عليها وعلى الغور الأمير وفا ملك واسمه الحسن فزلف وسار إلى العراق وذلك سنة إحدى وعشرين بعد مقدمه لها بسنتين.

.أحوال العراق وخراسان في ايالة غياث الدين.

كان غياث الدين بعد مسير جلال الدين إلى الهند اجتمع إليه شراد العساكر بكرمان وسار بهم إلى العراق فملك خراسان ومازندان كما تقدم وأقام منهمكا في لذاته واستبد الأمراء بالنواحي فاستولى قائم الدين على نيسابور وتغلب يقز بن ايلجي بهلوان على شروان تملك ينال خطا بهاتز ونظام الملك اسفراين ونصرة الدين بن محمد مستبد بنسا كما مر واستولى تاج ادين عمر بن مسعود التركماني على أبيورد وغياث الدين مع ذلك منهمك في لذاته وسارت إليه عساكر التتر فخرج لهم عن العراق إلى بلاد الجبل واكتسحوا سائر جهاته واشتط عليه الجند وزادهم في الاقطاع والاحسان فلم يشبعهم وأظهروا الفساد وعاثوا في الرعايا وتحكمت أم السلطان غياث الدين في الدولة لاغفاله أمرها واقتفت طريقة تركمان خاتون أم السلطان خوارزم شاه وتلقبت بلقبها خداوند جهان إلى أن جاء السلطان جلال الدين فغلب عليه كما قلناه.